نشر في: 05 يونيو 2024
اللغة العربية | ENGLISH
يلا • آراء
هكذا قامت حماس بإختراق عقول الغربيين
أندرو فوكس
أُصيب ضابط شرطة بريطاني بجروح خطيرة أضطرت لإسعافه إلى المشفى بعد أن ألقى أحد المتظاهرين ضد الحرب في غزة قنينة زجاجية أصابت ضابط الشرطة في وجهه. كيف وصلنا إلى نقطة في مجتمعنا حيث يكون شخص ما على استعداد لمواجهة أربع سنوات في السجن نيابة عن جماعة إرهابية تمارس الإبادة الجماعية في بلد يبعد 2000 ميلاً؟
من دون شك، قد يصورون أنفسهم على أنهم "مسيرات داعية للسلام"، لكنهم بالحقيقة يدعمون بشكل مباشر أهداف الحرب التي تسعى حماس إلى تحقيقها. هدفهم الوحيد في هذا الصراع هو البقاء، وهم يهدفون إلى القيام بذلك من خلال الاستفادة من الضغوط الدولية لإجبار إسرائيل على الجلوس في طاولة المفاوضات بهدف وقف إطلاق النار. زراعة الغضب هي وسيلتهم الأساسية للقيام بذلك، جعل الأضرار للمدنيين أمراً لا مفر منه، ثم تحويل صور هذه الأضرار إلى سلاح لتوليد الغضب في الغرب. يبحث هذا المقال في تقنيات التضليل والتلاعب المعروضة وأصولها من المخابرات السوفيتية.
لقد خلقت حماس في غزة وضعاً أصبحت فيه الأضرار الجانبية لكلٍ من المدنيين والبنية التحتية جزءاً لا يتجزأ باعتبارها سمة اساسية للحرب. ومن وجهة نظرهم، فهو شيء مضمون ومرغوب. إنها ليست استراتيجية الدروع البشرية بقدر ما هي استراتيجية التضحية بالبشر.
لقد صمموا استراتيجيتهم العسكرية بالكامل حول البنية التحتية المدنية. حيث تقع مستودعات أسلحتهم ومقارهم ومرافق تخزينها في مباني مدنية مثل المدارس والمستشفيات والمساجد والجامعات والمنازل السكنية. كما هناك مترو غزة بطول 500 ميل من الأنفاق، حيث يصل عمق بعضها إلى 15 طابق؛ أطول من مترو أنفاق لندن. قبل هذه الحرب، كان في غزة مستشفيات أكثر من باريس، كل واحدة منهم مرتبطة بأنفاق حماس، مما يوفر المداخل، والتهوية وإمدادات الطاقة. و لتدمير الأنفاق، ليس أمام جيش الدفاع الإسرائيلي خيار سوى تدمير المباني فوقها.
كل هذا تم تصميمه بالكامل كاستراتيجية دفاعية من قبل حماس. ولم يكن أمام إسرائيل خيار سوى الرد بعد 7 أكتوبر 2023.
ويفشل الغرب في فهم حجم الصدمة التي سببها ذلك للمجتمع الإسرائيلي. لم أفهم الأمر بشكل حقيقي إلا بعد زيارة بلدة بيري بنفسي في أبريل. وكانت لحظة المشي وسط حطام أحد المنازل التي أحرقتها حماس هي اللحظة التي أدركت فيها هول ما جرى. وكانت الأضرار التي لحقت بالجثث سيئة للغاية لدرجة أنه تم استدعاء علماء الآثار للمساعدة في التعرف على الرفات. أثناء سيري وسط الحطام، كنت على الأرجح أدوس على رماد الجثث البشرية المحترقة.
أنا لست إسرائيليا. وإذا كان الأمر قد أثر عليّ بهذه القوة، فإن اثره أكبر بعشرة أضعاف على المجتمع الإسرائيلي الذي هو مجتمع متماسك للغاية لدرجة أن كل واحد من العشرة ملايين شخص الذين يعيشون هناك يعرف شخصاً على الأقل تأثر بشكل مباشر بالسابع من أكتوبر. إنها صدمة ستتوالى عبر الأجيال. مما دفع المجتمع الإسرائيلي للمطالبة بالرد العسكري. وهنا أتت استراتيجية حماس بثمارها.
حماس كانت تعلم الضرر الذي سيلحقه الرد الدفاعي الإسرائيلي. وطالبوا بهذا الضرر. وكانوا على استعداد لاستخدام لغة اليسار المضطهد كسلاح مثل"الإبادة الجماعية"، و"الفصل العنصري"، و"الذبح". كما كانت تعلم أن المدنيين في غزة سيموتون؛ أرادوا لهم أن يموتوا؛ لقد أرادوا أن أن يكون لهم صورهم تثير الغضب في الغرب للضغط على إسرائيل، وبالتالي، السماح لهم بالإفلات من العقاب على ما ارتكبوه في 7 أكتوبر.
إنها استراتيجية الغضب والعاطفة. من المستحيل هزيمة هذه الأشياء بالمنطق. تبدو الحرب الحضرية مرعبة في أي ظرف من الظروف، ويتضاعف هذا الرعب عندما تكون المدينة المدنية مستهدفة بشكل سبق تصميمه.
إن كل الحروب الحضرية هي مثل الحروب البدائية، في خلاصة جوانبها الأكثر رعباً. وعلى الرغم من محاولات جيش الدفاع الإسرائيلي نقل المدنيين إلى بر الأمان، وإجلاء أكثر من مليون شخص من مدينة غزة وأكثر من 900 ألف من رفح، فإن المدنيين الذين يتخذون دروعاً بشرية للتضحية بهم سوف يموتون حتماً. وكانت حماس جاهزة لتوثيق ذلك بكاميراتها لإثارة الغضب العالمي.
ولكن لماذا كان الجمهور الغربي متقبلاً لروايات حماس إلى هذا الحد؟ لمعرفة إجابة هذا السؤال، يجب أن نعود إلى أواخر الستينيات، عندما تولى ياسر عرفات، قيادة العمليات ضد إسرائيل في الاتحاد السوفييتي، وفقاً لعميل المخابرات السوفيتية السابق أيون ميهاي باسيبا. وكان ذلك الوقت الذي برز فيه مصطلح "فلسطين" على الساحة الدولية.
إن تكتيكات التضليل الإعلامي الخاصة بـالمخابرات السوفييتية أسطورية، وهي عبر السيطرة على الصحافة في البلدان الأجنبية؛ التزوير التام والجزئي للوثائق؛ استخدام الشائعات والتلميحات والحقائق المحرفة والأكاذيب؛ الاستعانة بمنظمات الواجهة الدولية والمحلية؛ التشغيل السري لمحطات الراديو؛ واستغلال شخصيات الوطن الأكاديمية والسياسية والاقتصادية والإعلامية.
وقد استخدم عرفات كل هذه التقنيات كسلاح لدعم منظمة التحرير الفلسطينية، بناءً على توجيهات موسكو. فقد أنشأ قاعدة متعاطفة في اليسار السياسي الغربي وزودهم بالمصطلحات. وليس من قبيل الصدفة أن يأتي جيريمي كوربين إلى لاهاي على أكتاف المحامين في جنوب أفريقيا.
ومع سير حماس على خطى عرفات، فإننا نرى كل جانب من جوانب استراتيجية التضليل السوفييتية مستمرة في الغرب حتى يومنا هذا. يتم التلاعب بالصحافة والإعلام بالتقارير الكاذبة. كما يتم تغيير الحقائق، ويتم المبالغة في أعداد الضحايا، ويتم تمثيل وتزوير صور الفظائع، ويتم تقويض المؤسسات المدنية، خاصة الجامعات، بسبب الاستثمارات المالية من الدول التي تدعم حماس، مثل قطر. وتقوم منظمات الواجهة، مثل حملة التضامن مع فلسطين، بتجنيد عشرات الآلاف من المخدوعين للمشاركة في مسيرة في لندن لدعم أهداف حرب حماس.
وهكذا نصل إلى وضع يكون فيه شخص ما على استعداد للذهاب إلى السجن في المملكة المتحدة بتهمة رمي زجاجة على ضابط شرطة باسم "فلسطين حرة". إنها ثمرة حرب معلومات استمرت لعقود من الزمن ولم تتمكن إسرائيل من مواجهتها. إن الوفيات المأساوية للمدنيين والغضب المصطنع الذي يتم استثارته هي القبة الحديدية الخاصة بحماس.
أندرو فوكس: ضابط متقاعد بالجيش البريطاني وزميل باحث في الشرق الأوسط وفي مجال المعلومات المضللة. يمكنكم العثور عليه على X @Mr_Andrew_Fox و mrandrewfox.substack.com