نشر في: 22 أيار 2024
اللغة العربية | ENGLISH
يلا • آراء
لماذا يشكل رضا بهلوي حجر زاوية للسلام في الشرق الأوسط
نافيد محبي ورضا عرب
ولي العهد الإيراني رضا بهلوي يتحدث بمؤتمر حول “المرأة والحياة والحرية” في لوس أنجلوس في 11 يونيو 2023.
في خضم الصراع المستمر بين جمهورية إيران الإسلامية وإسرائيل، لاحظ المراقبون الدوليون دعم الشعب الإيراني المستمر لإسرائيل ورفضهم لسياسات النظام الإيراني التدميرية. وهذا الدعم الصريح هو أكثر من مجرد مشاعر، فهو يمثل استعداداً وطنياً للصداقة مع دول الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل والدول العربية السنية، بشرط هزيمة النظام، مما يمهد الطريق لتحول كبير في التحالفات الإقليمية. في هذه المقالة نؤكد على أن القضاء على هذا النظام أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
ولكي نفهم سياق مشاعر الرأي العام الإيراني بشكل كامل، يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار الأحداث الأخيرة: فقد شهدنا في الدول الغربية مسيرات مؤيدة للفلسطينيين على نطاق واسع، والتي كثيراً ما اتسمت بمعاداة علنية للسامية بشكل صادم. وفي تناقض واضح، فإن رد الفعل من داخل إيران منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول يظهر مدى الرفض الشعبي للدعاية العدوانية المؤيدة لحماس التي يقوم بها النظام. على سبيل المثال، في تشرين الأول/أكتوبر 2023، هتف مشجعو كرة القدم في ملعب آزادي بطهران، الغاضبين من رفع النظام للعلم الفلسطيني: "ضعوا العلم الفلسطيني في مؤخراتكم". وعادت هذه الهتافات للظهور مرة أخرى في الملعب الشمالي في أوائل مايو/أيار 2024، ورددها الشعب الإيراني حول العالم في مناسبات عديدة.
وبدراسة رد الفعل الإقليمي بشكل أعمق، فحتى عند مقارنته بالدول العربية التي وقعت مؤخراً اتفاقيات سلام مع إسرائيل، فإن رد الفعل داخل إيران كان مختلفاً عنها بشكل واضح. ففي حين أن تعاطف هذه الشعوب، في معظم الأحيان، مع القضية الفلسطينية يدفع حكوماتهم إلى إصدار بيانات قوية مناهضة لإسرائيل لحداً ما، استجابةً للاستياء الشعبي، بينما يواجه علي خامنئي، زعيم ما يسمى بالثورة الإسلامية، وضع معاكس تماماً في إيران حيث يعارض الشعب بشدة موقفه المؤيد لحماس والمناهض لإسرائيل. ومع ذلك، فهو يواصل نشر خطاباته المعادية للسامية.
ويمتد هذا الاختلاف في وجهات النظر إلى التجربة الحية للشعب الإيراني ووطنيته العميقة التي تعمل بمثابة "القبة الحديدية"، التي تحميه من الأصولية الشيعية التي يروج لها نظام آية الله.
على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية عانى الإيرانيون بشدة في ظل الأصولية الشيعية والسياسات العدائية تجاه إسرائيل، وتحملوا عقوبات دولية واسعة النطاق، وعزلة عالمية، وفقر، واستنزاف كبير لثرواتهم الوطنية، كل ذلك لم يقدم أي فائدة تذكر للشعب. كما فشلت السياسة الخارجية للنظام والتي تدعم جماعات مثل حزب الله وحماس والحوثيين، ليس فقط في مساعدة مواطني هذه البلدان المتضررة، ولكنها أدت أيضاً إلى قدر كبير من المعاناة والصراع والدمار داخل إيران نفسها. وتؤكد الهتافات المتكررة "لا غزة ولا لبنان، حياتي لإيران" على تساؤل عميق حول أولويات حكومتهم لماذا لا تسعى إلى تحقيق السلام والازدهار الاقتصادي مع الدول المجاورة بدلاً من الاستمرار في تعزيز الصراع.
ومن وجهة نظر إقليمية أوسع، قامت الدول العربية الكبرى في المنطقة مثل مصر والأردن، ومؤخرًا الإمارات والبحرين والمغرب، بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. واستناداً إلى كل المؤشرات يبدو أن المملكة العربية السعودية أيضاً تسير على مسار مشابه. ويلاحظ الإيرانيون أنه من خلال تبنيها سياسة معتدلة وعقلانية تجاه إسرائيل، فإن الدول العربية السنية لا تعمل على تعزيز السلام والتعاون فحسب، بل تعمل أيضاً على تعزيز رفاهية شعوبها من خلال سياسة خارجية معقولة.
وعلى النقيض من التطورات الإقليمية يردد الإيرانيون هذه الشعارات، ليس عن سوء نية تجاه الفلسطينيين، بل لتسليط الضوء على السياسة الخارجية الكارثية التي ينتهجها نظامهم، والتي جلبت ضرراً كبيراً. فبالنسبة لهم تمثل الجمهورية الإسلامية حكومة غير طبيعية لا تؤمن بالدولة القومية ولا تحترم الحدود الجغرافية أو سيادة الدول الإقليمية. كما أن هذا النظام عازم على تصدير ثورته إلى دول المنطقة، ويهدف إلى الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط برمتها، متخذاً من القضية الفلسطينية ذريعة لتحقيق هذا الهدف. وعندما أسفر تحطم المروحية عن مقتل إبراهيم رئيسي ووزير خارجية النظام، اندلعت احتفالات عفوية في غزة وطهران وإسرائيل وأجزاء من سوريا. وقام الناس بتوزيع الحلوى في الشوارع، مما يوضح كيف تتشارك الدول المتضررة من النظام لحظات الفرح والحزن فيما بينها. إن دولنا أقرب بكثير ولديها أشياء مشتركة أكثر من الاختلافات.
وفي مقاومتهم يستمد العديد من الإيرانيين، وخاصة الشباب منهم الإلهام من شخصيات مثل كورش الكبير وليس من الشخصيات الدينية، مما يؤكد على عمق التراث الثقافي الذي يقدر الاحترام التاريخي للأشخاص من مختلف الأديان والخلفيات. ويعزز هذا المنظور رؤية السلام والتعاون مع الجيران، في تناقض واضح مع عدوانية النظام.
وفي منطقة حيث يتأرجح البندول أو الرقاص بين الحاجة الملحة وإمكانية السلام، أكدت التطورات الأخيرة إمكانية حدوث تغيير كبير. بعد ذلك، ركزت وسائل الإعلام العالمية اهتمامها على رضا بهلوي، ولي عهد إيران المنفي. وهو يدعو لاستبدال النظام الحالي بحكومة علمانية ديمقراطية. ويقول بهلوي إن الصراع مع إسرائيل والدول العربية السنية مفبرك من قبل النظام ولا يعكس المشاعر الحقيقية في إيران. إن شعبيته الكبيرة وموقفه الواضح يوفران فرصة فريدة للدول العربية السنية وإسرائيل لدعم عملية انتقالية قادرة على جلب الاستقرار إلى المنطقة.
و بالتأمل في الأهداف المشتركة، سعى رضا بهلوي إلى تسليط الضوء على المصائر المترابطة للشعبين الإيراني والإسرائيلي، وأشاد بقرار الدول العربية اختيار السلام من خلال تبني الاتفاقيات الإبراهيمية بدلاً من الصراع. وكما أدان بهلوي باستمرار استخدام النظام للحوثيين ضد المملكة العربية السعودية، وأشاد بالتزام الدول العربية بحماية رفاهية شعوبها. وقد تجلى هذا الارتباط بشكل لافت للنظر خلال زيارته لإسرائيل عام 2023 برفقة زوجته ياسمين بهلوي.
ويسعى النظام بشكل حثيث إلى الحصول على رأس حربي قادر على حمل أسلحة نووية كجزء من استراتيجية الردع التي يتبعها، مع اعتبار إبادة إسرائيل هدفاً وجودياً أساسياً. بالإضافة إلى ذلك، كان الهجوم الأخير على إسرائيل بمثابة تحذير للدول العربية التي تقاوم هيمنة خامنئي الإقليمية، مما يعني ضمناً أنها يمكن أن تكون مستهدفة أيضاً.
وفي هذا المنعطف الحرج، لدى إسرائيل والدول العربية السنية الفرصة لتسخير المشاعر الوطنية بين الإيرانيين الذين يرون النظام الإسلامي كقوة احتلال، بشكل استراتيجي. إن اعتداء النظام المستمر على الاستقرار الإقليمي يشكل سبباً كافياً لهذه الدول لدعم حركة الحرية الإيرانية بإلتزام يضاهي شدة الدعم الذي يقدمه نظام خامنئي لحلفائه.
ويمثل بهلوي، باعتباره الشخصية الأبرز في المرحلة الانتقالية بعد النظام الإسلامي، الخيار الأمثل لإسرائيل والدول العربية، حيث أن التزامه ينبع من الوطنية الإيرانية الحقيقية، وليس الانتهازية. وهو مدرك تماماً للفوائد الكبيرة التي سيجلبها استقرار الشرق الأوسط لإيران الحرة. وتضع شعبية بهلوي، واسعة النطاق بين الإيرانيين، بمكانة فريدة تسمح له بالحد من التوسع الشيعي وتفكيك كل وكلاء خامنئي في المنطقة، مثل نصر الله. ويعكس موقف بهلوي الثابت ضد هذه القوى فهمه بأن وجودها لا يهدد الاستقرار الإقليمي فحسب، بل يهدد جوهر إيران نفسها أيضاً. وهو يدعو إلى التعاون والتآزر على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والكرامة، مؤمناً أن هذه المبادئ يمكن أن تخلق سيناريوهات مربحة لجميع الأطراف. ومن الأهمية بمكان أن تقوم هذه البلدان بدعم وتمكين بهلوي، وتعزيز الشراكة القائمة على المصالح المشتركة. إن مثل هذا التعاون أمر حيوي وعاجل، لأنه يرسي الحجر الأساس للسلام الدائم والازدهار في المنطقة.
بالنسبة للإيرانيين الطامحين للحرية، فإن الحلفاء الهامين مثل إسرائيل والدول العربية السنية يلعبون دوراً محورياً في نضالهم ضد النظام. ومن خلال دعم الشعب الإيراني وزعيمه البارز، يستطيع الشرق الأوسط اغتنام الفرصة لوضع حد حاسم لتهديد النظام الإسلامي إلى الأبد، وتحويله إلى تاريخ قد مضى.
نافيد محبي: محلل وناشط إيراني مقيم في واشنطن، يغطي قضايا السياسة الداخلية والخارجية. تابعوه على X: @navidmohebbi
رضا عرب: زميل مساعد في مركز جريفيث للأبحاث الاجتماعية والثقافية بجامعة جريفيث، أستراليا. تابعوه على X: @rezaarab10